غزوة بني قريظة: بعد الذي فعلته يهود بني قريظة في غزوة الخندق خرج رسول الله مع الجيش الإسلامي نحوهم، و فرضوا عليهم الحصار. و بعد عدة مداولات و مناقشات ولما اشتد عليهم الحصار استسلموا، وقامت الأوس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فطلبوا منه أن يحسن إليهم، فقال: (ألا ترضون أن يحكم فيهم رجل منكم؟) قالوا: بلى. قال: (فذاك إلى سعد بن معاذ). قالوا: قد رضينا. فأرسل إلى سعد بن معاذ، الذي حكم أن يقتل الرجال، وتسبى الذرية، وتقسم الأموال، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبع سموات). فضربت أعناقهم، وتم استئصال أفاعي الغدر والخيانة.
سرية محمد بن مسلمة: كان عدد قوات هذه السرية ثلاثين راكباً. تحركت هذه السرية إلى بطن بني بكر. فلما أغارت عليهم هربوا، فاستاق المسلمون نعما وشاء، وقدموا المدينة ومعهم ثمَامَة بن أثال الحنفي و كان متنكراً لاغتيال النبي صلى الله عليه وسلم بأمر مسيلمة الكذاب، فأخذه المسلمون و ربطوه ثم أمرهم الرسول بإطلاقه فأسلم.
غزوة بني لَحْيَان: بنو لحيان هم الذين كانـوا قد غـدروا بعشرة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالـرجيع، فخرج إليهم رسول الله سنة 6 هـ في مائتيـن من أصحابه، وأظهـر أنه يريد الشــام، ثم أســرع السير وسمعــت به بنو لحيان فهربوا في رءوس الجبال، فلم يقدر منهم على أحد، فأقام يوميـن بأرضهم، وبعث السرايا، ثم رجع إلى المدينة. وكانت غيبته عنها أربع عشرة ليلة.
متابعة البعوث والسرايا: ثم تابع رسول الله صلى الله عليه وسلم في إرسال البعوث والسرايا،و منها:
1 ـ سرية عُكَّاشَة بن مِحْصَن إلى الغَمْر سنة 6هـ.
2 ـ سرية محمد بن مَسْلَمَة إلى ذي القَصَّة سنة 6 هـ.
3 ـ سرية أبي عبيدة بن الجراح إلى ذي القصة سنة 6 هـ.
4 ـ سرية زيد بن حارثة إلى الجَمُوم، و أخرى إلى العِيص، ثم إلى الطَّرِف، ثم وادي القري و كلها سنة 6 هـ.
5 ـ سرية الخَبَط سنة 8 هـ.
غزوة بني المُصطلق أو غزوة المريسيع: كانت في شعبان سنة 5 هـ. وسببها أنه بلغه صلى الله عليه وسلم أن بني المصطلق يريدون حربه صلى الله عليه وسلم، فأسرع في الخروج و معه جماعة من المنافقين، وانتهى رسول الله إلى المريسيع فتهيأ للقتال. و كان النصر وانهزم المشركون. كان أعداء الإسلام من اليهود والمنافقين والمشركين يعرفون جيداً أن سبب غلبة الإسلام ليس التفوق المادي وكثرة السلاح والعدد، وإنما منبع الأخلاق و القيم صلى الله عليه وسلم فقرروا شن حرب دعائية ضده، وقد ظهرت خطتهم حينما تزوج بأم المؤمنين زينب بنت جحش، فوجدوا فرصة لإثارة المشاغب و السبب أن زوجته هذه كانت زوجة خامسة، والقرآن لم يكن أذن في الزواج بأكثر من أربع، و زينب كانت زوجة مُتَبَنَّاه فالزواج بها من أكبر الكبائر حسب تقاليد العرب. ولما كانت غزوة بني المصطلق وخرج فيها المنافقون وجدوا فرصة أخرى فأثاروا الارتباك الشديد في صفوف المسلمين، بسبب حادثة الإفك، و لكن أقشعت سحابة الشك والارتياب والقلق والاضطراب عن جو المدينة، وافتضح رأس المنافقين.
البعوث والسرايا بعد غزوة المُرَيْسِيع:
1 ـ سرية عبد الرحمن بن عوف إلى ديار بني كلب، في شعبان سنة 6 هـ..
2 ـ سرية على بن أبي طالب إلى بني سعد بن بكر، في شعبان سنة 6 هـ..
3 ـ سرية أبي بكر الصديق إلى وادي القري، في رمضان سنة 6هـ..
4 ـ سرية كُرْز بن جابر الفهري إلى العُرَنِيِّين، في شوال سنة 6 هـ.
عمرة الحديبية في ذي القعدة سنة 6 هـ: أخذ نجاح الدعوة يبدو شيئاً فشيئاً، وخرج رسول الله صلى الله عليه و سلم يوم الإثنين غرة ذي القعدة سنة 6 هـ، ومعه زوجته أم سلمة، في ألف وأربعمائة، وتحرك في اتجاه مكة يريد زيارة الكعبة، و لم سمعت قريش بخروجهم عقدت مجلساً استشارياً قررت فيه صد المسلمين عن البيت كيفما كان، نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحديبية، و أخذت قريش تبعث إليه الوفود تريد الصلح و في نهاية المطاف اتفقوا على قواعد الصلح، وهي : يرجع الرسول صلى الله عليه وسلم فلا يدخل مكة، و يدخلها العام المقبل. وضع الحرب بين الطرفين عشر سنين، ويكف بعضهم عن بعض. من أحب أن يدخل في عقد محمد وعهده دخل فيه، ومن أحب أن يدخل في عقد قريش وعهدهم دخل فيه. من أتى محمداً من قريش من غير إذن وليه رده عليهم، ومن جاء قريشاً ممن مع محمد لم يرد عليه. ولما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك قال لأصحابه: (قوموا فانحروا)، فما قام منهم أحد فدخل على أم سلمة، فذكر لها ما حصل، فنصحته أن يكون أول من يبدأ بذلك و سيتبعونه ففعل و اتبعوه في ذلك. هذا هو صلح الحديبية، يبدو لمن يقرأ بنوده أول مرة أنه ظالم للمسلمين و لكنه كان فتحا عظيما لهم.
إسلام أبطال من قريش: وفي سنة 7 من الهجرة بعد هذا الصلح أسلم عمرو بن العاص وخالد بن الوليد وعثمان بن طلحة، ولما حضروا عند النبـي صلى الله عليه وسلم قـال: (إن مكـة قد ألقت إلينا أفلاذ كبدها).
مكاتبة الملوك والأمراء: فــي أواخـر السنة السادسـة حين رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحديبية كتب إلى الملوك يدعـوهم إلى الإسـلام. واختار من أصحابــه رسلاً لهـم معرفـة وخبـرة، وأرسلهم إلى الملـوك و هـي كالتـالي:
1 ـ الكتاب إلى النجاشي ملك الحبشة أصْحَمَة بن الأبْجَر و حمله عمرو بن أمية الضمري.
2 ـ الكتاب إلى المقوقس ملك مصر و حمله حاطب بن أبي بَلْتَعَة.
3 ـ الكتاب إلى كسرى ملك فارس و حمله عبد الله بن حذافة السهمي.
4 ـ الكتاب إلى قيصر ملك الروم و حمله دَحْيَة بن خليفة الكلبي.
5 ـ الكتاب إلى المنذر بن سَاوِي حاكم البحرين و حمله العلاء بن الحضرمي.
6 ـ الكتاب إلى هَوْذَة بن على صاحب اليمامة و حمله سَلِيط بن عمرو العامري.
7- الكتاب إلى الحارث بن أبي شَمِر الغساني صاحب دمشق و حمله شجاع بن وهب من بني أسد بن خزيمة.
8 ـ الكتاب إلى ملك عُمَان جَيْفَر وأخيه عبد ابني الجُلَنْدَي و حمله عمرو بن العاص رضي الله عنه.
غزوة الغابة أو غزوة ذي قَرَد: و كانت مطاردة ضد فصيلة من بني فَزَارة قامت بعمل القرصنة في لِقَاحِ رسول الله.
غزوة خيبر ووادي القُري (في المحرم سنة 7 هـ): لما أمن رسول الله صلى الله عليه وسلم تماماً بعد صلح الحديبية أراد أن يحاسب اليهود وقبائل نجد، ولما كانت خيبر هي وكر التآمر و إثارة الحروب، كانت هي الجديرة بالتفات المسلمين أولا. و خرج المسلمون و وصلوا إلى أسوار خيبر و لم تشعر بهم اليهود، فلما أصبحوا خرجوا لأرضهم، فرأوا الجيش فرجعوا إلى مدينتهم يخبرون قومهم فتحصنوا في حصونهم، و استعدوا للقتال. و هاجم المسلمون الحصن الذي كان يمثل خط الدفاع الأول لليهود، ودار القتال المرير حول هذا الحصن ، وانهارت مقاومة اليهود، و كان اليهود كلما تحصنوا بحصن من حصونهم فتحه المسلمون حتى تم فتح خيبر. و قد وقعت بعد ذلك محاولة زينب بنت الحارث لقتل رسول الله، ولما فرغ رسول الله من خيبر، انصرف إلى وادي القري، وكان بها جماعة من اليهود، فلما نزلوا استقبلهم اليهود بالرمي، فعَبَّأ رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه للقتال، وصَفَّهم، فقاتلهم حتى استسلموا و أعطوا ما بأيديهم. وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بوادي القرى أربعة أيام. وقسم على أصحابه ما أصاب بها، ولما بلغ يهود تيماء خبر استسلام أهل خيبر ثم فَدَك ووادي القُرَي، لم يبدوا أي مقاومة ضد المسلمين، بل بعثوا يعرضون الصلح، فقبل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم عاد مع جيشه إلى المدينة.
سرية أبَان بن سعيد: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعرف أن إخلاء المدينة تماما بعد انقضاء الأشهر الحرم ليس من الحزم قطعًا، خاصة و الأعراب تنتظر ذلك للقيام بالنهب والسلب وأعمال القرصنة في المدينة؛ ولذلك أرسل سرية إلى نجد لإرهابهم تحت قيادة أبان بن سعيد، والأغلب أن هذه السرية كانت في صفر سنة 7هـ.
غزوة ذات الرِّقَاع : تفرغ رسول الله تمامًا للأعراب القساة الضاربين في فيافي نجد، والذين ما زالوا يقومون بأعمال النهـب والسلـب بيـن آونـة وأخـرى. فقـام رسول الله صلى الله عليه وسلم بحملـة تأديبيــة عرفـت بغـزوة ذات الرقاع. حيث أسرع بالخروج إليهم في أربعمائة رجل، و قد لقي جمعاً من غطفان، فتقاربوا وأخاف بعضهم بعضًا دون قتـال، وبعد الرجوع من هذه الغزوة بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عدة سرايا:
1 ـ سرية غالب بن عبد الله الليثي إلى بني المُلَوَّح بُقدَيْد، سنة 7 هـ
2 ـ سرية حِسْمَي، في جمادي الثانية سنة 7 هـ.
3 ـ سرية عمر بن الخطاب إلى تُرَبَة، في شعبان سنة 7 هـ.
4 ـ سرية بشير بن سعد الأنصاري إلى بني مرة بناحية فَدَك، في شعبان سنة 7هـ.
5 ـ سرية غالب بن عبد الله الليثي، في رمضان سنة 7 هـ .
6 ـ سرية عبد الله بن رواحة إلى خيبر، في شوال سنة 7 هـ .
7 ـ سرية بشير بن سعد الأنصاري إلى يمن وجَبار .
8 ـ سرية أبي حَدْرَد الأسلمي إلى الغابة.
عمرة القضاء: أمـر الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه أن يعتمروا، وألا يتخلف منهم أحد شهد الحديبية، فخرجوا وأحرم للعمرة، ولبى، ولبى المسلمون معه، وخرج مستعداً بالسلاح، خشية غدر قريش، فلما بلغ يَأجُج وضع السلاح، و ترك معه مائتي رجـل، و دخل المسلمــون مكة يلبـون. وخرج المشـركون إلى الجبل، وأقـام رسول الله صلى اللـه عليه وسلم بمكة ثلاثاً، ثم خرج. وقد أرسل بعد الرجوع منها عدة سرايا، وهي كما يلي:
1 ـ سرية ابن أبي العوجاء، في ذي الحجة سنة 7 هـ.
2 ـ سرية غالب بن عبد الله إلى مصاب أصحاب بشير بن سعد بفَدَك، في صفر سنة 8 هـ..
3 ـ سرية ذات أطلح في ربيع الأول سنة 8 هـ.
4 ـ سرية ذات عِرْق إلى بني هوازن، في ربيع الأول سنة 8 هـ.