صديقاتي وإخواني وأساتذتنا الكرام يسرني ويشرفني أن أدعوكم لفتح مجال للحوار الجاد النافع الذي يرفع من مستوانا الفكري ويرقي بعقولنا ويفتح لنا مجالات لم نخض فيها من قبل... الفكرة هي طرح قصة من قصص كتاب أثرت فيك أفكاره كثيرااا للأحسن طبعا أرجوا أن نتناقش في تلك الأفكار التي تحويها هذه القصص وسأبدأ بأول قصة.. بعنوان مقاييس من كتاب المجموعة القصصية الكاملة..لبنت الهدى...أنتظر مشاركاتكم بشوق...
مقاييس
انتهت السيدة سعاد من ارتداء ملابسها وهي تستعد للذهاب الى الاحتفال بمناسبة زفاف بنت صديقتها المفضلة ام سلام ثم جلست على أحد الكراسي تنتظر بنتها دعاء وكأنها عادت فشكت في حسن مظهرها فاتجهت من جديد الى المرآة ووقفت امامها مليا ثم استدارت لتطمئن من أناقتها ثم عادت الى جلستها تنتظر وكأنها استبطأت ابنتها فقرعت جرسا الى جوارها دخلت على أثره خادمة شابة قد جمعت شعرها على شكل تسريحة علاية وارتدت ( فستاناً ميني جوب ) مفتوح الصدر ، يكشف عن النصف الأعلى من النهدين ، وصبغت شفتيها بالروج الأحمر ، فنظرت السيدة سعاد اليها برضاء ، وتأملت أناقتها بدقة ثم قالت أراك قد انتهيت من استعدادك قبل سيدتك يا سنية ؟ أذهبي وقولي لها أن امك تنتظر ، فإن الطريق بعيد ، ويلزمنا ساعة من الزمان حتى نصل الى هناك ، ومن الضروري ان نكون أول الوافدات لصلتي الوثيقة بالأم وصلة دعاء بالعروس . فاستدارت الخادمة في غنج وهي تقول امرك يا مدام ، ورأت السيدة سعاد ان تستغل فترة انتظارها لتتأكد من اناقتها ومكياجها من جديد فتوجهت الى المرآة والقت نظرة عامة على ملابسها ، ومكياجها ، وتسريحتها ثم عادت الى جلستها وهي تتأفف لتأخر ابنتها ، وتمتمت تقول ان الساعة تقارب السابعة والنصف ويلزمنا ساعة للطريق وسوف يبدأ الاحتفال في الساعة التاسعة وما كادت تتم كلماتها حيث دخلت سنية وهي تتأود في مشيتها بدلاعة فنظرت اليها السيدة سعاد مستفهمة فابتسمت البنت في مكر وقالت ان الست دعاء سوف تتهيأ يا ستي ، فاستشاطت السيدة سعاد وهي تقول : ماذا ؟ سوف تتهيأ ؟ إذن ماذا كانت تصنع لحد الآن فتمايلت سنية ثم ضحكت وهي تقول كانت تصلي قالت السيدة سعاد : كانت تصلي ؟ اذن فلم تكن تستعد طيلة هذه المدة ؟ يا لشذوذ هذه البنت المسكينة ، ثم أردفت السيدة سعاد قائلة اذهبي اليها مرة ثانية يا سنية وقولي لها ان امك لن تنتظر اكثر من عشر دقائق اخرى فذهبت سنية ثم عادت لتقول انها آتية يا مولاتي فأثارت هذه الكلمة السيدة سعاد ونهضت واقفة وهي تقول ماذا تقولين ؟ وكيف تمكنت من الاستعداد خلال هذه الفترة القصيرة ، لا شك انها سوف تجلب عليّ العار في هذه الحفلة ، اسفي عليها وعلى جمالها الرائع وهي تمحو معالمه باهمالها وشذوذها ، وللمرة الرابعة اتجهت السيدة سعاد نحو المرآة وكأنها تريد ان تعوض بأناقتها عن اناقة ابنتها وما أن عادت من امام المرآة حتى رأت ابنتها داخلة وقد انطبعت على قسماتها بسمة ملائكية زادتها جمالا وبهاءا وهي تقول : ها أناذي على استعداد يا أماه ، ولكن السيدة سعاد تسمرت في مكانها وهي تتأمل ابنتها بعين ناقدة ثم انفجرت تقول بتهكم طبعا طبعا انك على استعداد وأي استعداد هذا أو سوف تذهبين الى الاحتفال بهذا الثوب الطويل المغلق ؟ ومع هذا الشعر البسيط المهمل ؟ وبهذه الأكمام الطويلة ؟ ثم اين المكياج ؟ وهل هناك فتاة لا تعرف ان ترسم عينيها وشفتيها غيرك يا مسكينة ؟ لقد اخرتيني طيلة هذه المدة وقد كنت آمل ان تكوني مشغولة باعداد نفسك للحفلة فإذا بك كنت تصلين ، ثم تقولين باعتزازها انا ذي على استعداد ، وكانت دعاء تستمع الى امها بهدوء ، وبعد أن انتهت الام من حملتها الثائرة قالت دعاء بصوت مؤدب اما أني كنت اصلي فإن الواجب الديني كان يحتم على ذلك لأني سوف لن اتمكن من الصلاة خلال الاحتفال وسوف لن ينتهي الاحتفال قبل نهاية وقت الصلاة ، وأما ثوبي فهو ليس بالطويل يا اماه أبدا ولكنه ليس ميني جوب واما شعري فهو مصفف بشكل بديع ولكن بدون أن أجلس ساعات في صالون الحلاقة استمع الى انغمام الموسيقى والوث شعري بمختلف أنواع المواد ، وأما المكياج ؛ فأنا لا أجهل طريقة وضع المكياج يا أماه ولكني لا اشعر بالحاجة الى ذلك ولا اريد ان اعتمد عليه في ابراز شخصيتي بين المجتمع ، فهزت الأم رأسها بأسف وتبرم وتمتمت تقول دعينا نمضي قبل ان ترتقي المنبر وتمطرينا بسيل من المواعظ والحكم كعادتك دائماً ولكني احس بمرارة الأسف....
يتبع إن شاء الله....