بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته
يخلق الله ما يشاء ويختار من أشراط وعلامات الساعة الدالة على اقتراب وقوعها...
ومن ذلك المسيح الدجال...
* فمن هو المسيح الدجال؟
* وهل هو موجود اليوم؟
* وهل رآه أحد من قبل؟
* وما صفاته؟
* وما أسباب خروجه؟
* وما هي الغضبة العظيمة التي سيغضبها؟
* وما الإعتقادات الخاطئة فيه؟
السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته
يخلق الله ما يشاء ويختار من أشراط وعلامات الساعة الدالة على اقتراب وقوعها...
ومن ذلك المسيح الدجال...
* فمن هو المسيح الدجال؟
* وهل هو موجود اليوم؟
* وهل رآه أحد من قبل؟
* وما صفاته؟
* وما أسباب خروجه؟
* وما هي الغضبة العظيمة التي سيغضبها؟
* وما الإعتقادات الخاطئة فيه؟
من الدجال؟
هو رجل من بني آدم، جعل الله عز وجل له قدرات ليست لغيره من البشر، مكنه الله منها اختبارا وامتحانا لإيمان الناس، وقد حذرنا النبي صلى الله عليه وسلم من اتباعه في ضلاله وأخبرنا عن صفاته الخلقية والخلقية.
ونحن نتكلم هنا عن الدجال لأن: العلم بالشيء خير من الجهل به وقد كان حذيفة بن اليمان رضي الله عنه يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الشر مخافة أن يدركه. فالدجال أعظم فتنة خاف النبي صلى الله عليه وسلم على أمته منها فحذر وخوف وأنذر.. لما مع الدجال من الشبهات والفتن... مع ادعاء الدجال أنه الله رب العالمين!! فإذا عرفنا صفات الدجال وطرق السلامة منه حمانا الله من شره...
تسميته بــ (المسيح الدجال):
- سمي بالمسيح الدجال لأنه ممسوح العين اليسرى فهو أعور لا يرى إلا بعين واحدة.
- وقيل بل الدجال يسمى: المِسِّيح... وقيل المسيح (بالخاء المعجمة).
- وقيل سمي بالمسيح لأنه يمسح بالأرض ويسير فيها كلها.
- وقيل لأن أحد شقي وجهه ليس فيه عين ولا حاجب.
- وسمي بالدجال: لأنه دجّل: أي غطى وموّه واحتال، والدّجل أكبر الكذب،
فهو دجال كذاب محتال، وجمع دجّال: دجالون، ودجاجلة.
ماذا يدعي الدجال؟
الدجال يدعي أنه رب العالمين ويدعو الناس إلى الإيمان بذلك، لذا قال صلى الله عليه وسلم:<إن الدجال أعور وإن ربكم ليس بأعور> رواه البخاري ومسلم. وسيأتي تفصيل ذلك، وله شبهات وحيل يفتن الناس بها.
قصة ابن صياد:
في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كان بالمدينة غلاه يهودي اسمه ابن صياد، اشتبه أمره وشك النبي صلى الله عليه وسلم أنه هو الدجال، ووقع له حادث مع النبي صلى الله عليه وسلم وتفصيل ذلك كالآتي:
01/- عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه انطلق مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في رهط (من ثلاثة إلى عشرة أشخاص) قبل ابن صياد حتى وجده يلعب مع الصبيان عند أطم (حصن أو القلعة) بني مغالة وقد قارب ابن صياد يومئذ الحلم (أي قارب البلوغ، عمره قريب من 15 سنة) فلم يشعر حتى ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ظهره بيده، ثم:
* قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لابن صياد: <أتشهد أني رسول الله؟>
* فنظر إليه ابن صياد فقال: أشهد أنك رسول الأميين.
* ثم قال ابن صياد لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أتشهد أني رسول الله ؟
* فرفضه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: <آمنت بالله ورسوله>
* ثم قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: <ماذا ترى؟>
* قال ابن صياد: يأتيني صادق وكاذب.
* فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: <خلِّط عليك الأمر>
* ثم قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: <إني خبأت لك خبيئا>
أي خبأت في نفسي كلمة حاول أن تخمن ما هي؟ وقد خبأ النبي صلى الله عليه وسلم كلمة الدخان.
* فقال ابن صياد: هو الدخ (حاول ابن صياد أن يقول الدخان فلم يوفق فقال الدخ، وكان ابن صياد له جن يخبرونه بأشياء ولكنهم لم يستطيعوا أن يكشفوا ما في نفس النبي صلى الله عليه وسلم فقربوا له الكلمة).
* فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: <اخسأ فلن تعدو قدرك>
أي لن تعدو الكهانة إنما أنت كاهن دجال محتال.
* فقال عمر بن الخطاب: ذرني يا رسول الله أضرب عنقه.
* فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: <إن يكن هو فلن تسلط عليه وإن لا يكنه فلا خير لك في قتله> (يعني إن كان ابن صياد هو الدجال فلن تتمكن من قتله، لأن الله قدر وقضى أن يقتله عيسى بن مريم عليهما السلام بعد نزوله) رواه مسلم.
02/- وقال سالم بن عبد الله سمعت عبد الله بن عمر يقول: انطلق بعد ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بن كعب الأنصاري إلى النخل التي فيها ابن صياد حتى إذا دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم النخل طفق يتقي بجذوع النخل (يتستر خلف جذوع النخل لئلا يراه ابن صياد) وهو يختل (يتخفى ويقترب قليلا من ابن صياد ليسمع ما يتكلم به مع نفسه) أن يسمع من ابن صياد شيئا قبل أن يراه ابن صياد فرآه رسول الله صلى الله عايه وسلم وهو مضطجع على فراش في قطيفة (كساء) له فيها زمزمة (صوت خفي لا يكاد يفهم)، فرأت أم ابن صياد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتقي بجذوع، فقالت لابن صياد: يا صاف (وهو اسم ابن صياد) هذا محمد، فثار ابن صياد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: <لو تركته بيّن> (أي لو تركتنا أمه نراقبه دون أن يعلم بنا لتبين لنا هل هو الدجال أم لا) رواه مسلم.
03/- وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: لقيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر-يعني ابن صياد- في بعض طرق المدينة.
* فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: <أتشهد أني رسول الله؟>
* فقال هو: أتشهد أني رسول الله؟
* فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: <آمنت بالله وملائكته وكتبه، ما ترى؟>
* قال: أرى عرشا على الماء.
* فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: <ترى عرش إبليس على البحر، وما ترى؟>
* قال: أرى صادقين وكاذبا، أو كاذبين وصادقا.
* فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: <لبس عليه، دعوه> (أي يأتيه الشيطان فاختلط عليه الأمر) رواه مسلم.
04/- وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: خرجنا حجاجا أو عمارا ومعنا ابن صياد، فنزلنا منزلا فتفرق الناس وبقيت أنا وهو، فاستوحشت منه وحشة شديدة مما يقال عليه، وجاء بمتاعه فوضعه مع متاعي فقلت: إن الحر شديد فلو وضعته تحت تلك الشجرة ففعل: أي نقل ابن صياد متاعه تحت شجرة بعيدة عن أبي سعيد، قال أبو سعيد: فرفعت لنا غنم، فانطلق فجاء بعس (وعاء كبير فيه لبن من تلك الغنم).
* فقال: اشرب أبا سعيد!
* فقلت: إن الحر شديد واللبن حار- ما بي إلا أني أكره أن أشرب عن يده -أو قال :آخذه عن يده-
* فقال ابن صياد: أبا سعيد! لقد هممت أن آخذ حبلا فأعلقه بشجرة ثم أختنق مما يقول لي الناس (يعني ما يشاع أنه الدجال)، يا أبا سعيد من خفي عليه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ما خفي عليكم معشر الأنصار، ألست من أعلم الناس بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ أليس قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هو عقيم لا يولد له وقد تركت ولدي بالمدينة؟ أو ليس قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يدخل المدينة ولا مكة وقد أقبلت من المدينة وأنا أريد مكة؟
* قال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه: حتى كدت أعذره.
* ثم قال ابن صياد: أما والله إني لأعرف مولده وأين هو الآن -يعني الدجال-.
* قال أبو سعيد: فقلت له: تبا لك سائر اليوم. رواه مسلم.
والصحيح من أقوال أهل العلم: أن ابن صياد هذا ليس هو المسيح الدجال، ولكنه دجال محتال من ضمن الدجالين، عنده كهانة وشياطين ينبئونه بأمور، وقد ورد عنه حوادث في آخر حياته مع أبي سعيد الخدري وغيره، قد يستنتج منها أنه تاب وصلح حاله والله أعلم.
الحكمة من عدم ذكر الدجال في القرآن:
الدجال أعظم فتنة خشي النبي صلى الله عليه وسلم على أمته منها ولذا حذر جميع الأنبياء أممهم منه وأمرنا أن نستعيد من فتنة الدجال في آخر كل صلاة.
وقد ذكر الله عز وجل في القرآن عددا من أشراط الساعة الصغرى والكبرى مثل انشقاق القمر فقال: (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ) القمر:01، ويأجوج ومأجوج فقال: (حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ) الأنبياء:96، وغيرها ومع ذلك لم يذكر الله عز وجل الدجال صراحة باسمه في القرآن.
فما الحكمة من ذلك؟ قيل في ذلك أمور:
* أحداهما: أنه ذكر في قوله عز وجل: (يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ) الأنعام:158، فقد قال صلى الله عليه وسلم: <ثلاث إذا خرجن لم ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل: الدجال، والدابة، وطلوع الشمس من مغربها> رواه الترمذي عن أبي هريرة وصححه.
* الثاني: قد وقعت الإشارة في القرآن إلى نزول عيسى ابن مريم في قوله عز وجل: (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِه) النساء: 159، وفي قوله عز وجل: (وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِ ذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ. وَقَالُوا أَآَلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ. إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ. وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلَائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ. وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا..) الزخرف: 57-61. وصح أن عيسى عليه السلام هو الذي يقتل الدجال فصار الكلام عن عيسى عليه السلام متضمنا الكلام عن الدجال.
الأحاديث الدالة على أن خروج الدجال من أشراط الساعة:
* عن حذيفة بن أسيد الغفاري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: <إن الساعة لا تقوم حتى تكون عشرة آيات: الدخان والدجال والدابة وطلوع الشمس... الحديث> رواه مسلم.
* وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: <ثلاث إذا خرجن لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت أو كسبت في إيمانها خيرا: طلوع الشمس من مغربها، والدجال، ودابة الأرض> رواه مسلم.
الدجال أكبر فتنة موجودة على ظهر الأرض على الإطلاق:
* عن عمران بن حصين رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: <ما بين خلق آدم وقيام الساعة خلق أكبر من الدجال> وفي رواية: <أمر أكبر من الدجال> رواه مسلم.
* وعن ابن عمر رضي الله عنه قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس فأثنى على الله بما هو أهله ثم ذكر الدجال فقال: <إني لأنذركموه وما من نبي إلا أنذر قومه ولكني سأقول لكم فيه قولا لم يقله نبي لقومه: إنه أعور وإن الله ليس بأعور> رواه البخاري.
* وعن نواس بن سمعان رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: <غير الدجال أخوفني عليكم؟ إن يخرج وأنا فيكم فأنا حجيجه دونكم وإن يخرج ولست فيكم فامرؤ حجيج نفسه والله خليفتي على كل مسلم> رواه مسلم.
الأحداث قبل خروج الدجال:
* عن نافع بن عتبة بن أبي وقاص رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: <تغزون جزيرة العرب فيفتحها الله، ثم تغزون فارس ويفتحها الله، ثم تغزون الروم فيفتحها الله، ثم تغزون الدجال فيفتحه الله (أي المكان الذي فيه الدجال والقوم الذين معه> رواه مسلم.
*عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: <عمران بيت المقدس خراب يثرب، وخراب يثرب خروج الملحمة، وخروج الملحمة فتح القسطنطينية، وفتح القسطنطينية خروج الدجال> رواه أبو داود والترمذي وحسنه الألباني.
* وقبل خروج الدجال تكثر الحروب بين المسلمين والروم النصارى وينتصر المسلمون.
* عن ذي مخمر -رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: <ستصالحون الروم صلحا آمنا فتغزون أنتم وهم عدوا من ورائكم فتنصرون وتغنمون، وتسلمون، ثم ترجعون، حتى تنزلون بمرج ذي تلول، فيرفع رجل من ذي النصرانية الصليب، فيقول: غلب الصليب فيغضب رجل من المسلمين فيدقه فعند ذلك تغدر الروم وتجمع للملحمة (هي المعركة الكبيرة كثيرة القتلى) > رواه مسلم.
وزاد بعضهم: <فيثور المسلمون إلى أسلحتهم فيغتسلون فيكرم الله تلك العصابة بالشهادة>
-- وفي حديث آخر تفصيل لهذه الموقعة: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: <لا تقوم الساعة حتى ينزل الروم بالأعماق أو بدابق (قرية دابق من القرى التاريخية التابعة لناحية اخترين وهي تقع شمال مدينة حلب على مسافة 45 كم وتبعد عن الحدود التركية حوالي 15 كم تقريبا، و تشتهر بالزراعة و خصوصا الحنطة و العدس و البطاطا، يمر بها نهر قويق و يجري في الشتاء و الربيع، وهي ثغر من ثفور المسلمين في كل الفترات الإسلامية، وفيها تكون الملحمة) فيخرج له جيش من المدينة من المسلمين من خيار الأرض يومئذ فإذا تصافوا أمام بعض قال الروم خلوا بيننا وبين الذين سبوا منا نقاتلهم (وهذا يدل أنه وقعت حروب سابقة بين المسلمين والروم وانتصر المسلمون وسبوا الروم وأسلم السبي وجاء يجاهد) ، فيقول المسلمون: لا والله لا نخلي بينكم وبين إخواننا فيقاتلونهم فيهزم ثلث (أي من جيش المسلمين) لا يتوب الله عليهم أبدا، ويقتل ثلث (أي من المسلمين) ، أفضل الشهداء عند الله، ويفتتح الثلث (أي الأخير يفتح البلاد ويغنم) لا يفتنون أبدا فيفتتحون قسطنطينية وبينما هم يقتسمون الغنائم قد علقوا سيوفهم بالزيتون، إذ صاح فيهم الشيطان: أن المسيح (أي الدجال) قد خلفكم في أهليكم (أي: يريد إفزاعهم وتخويفهم) ، فيخرجون (أي يتوجهون راجعين إلى الدجال) ، وذلك باطل (أي: يكون كلام الشيطان هذا باطلا) ، فإذا جاؤوا الشام خرج (أي: خرج المسيح الدجال) > رواه مسلم.
أحداث أخرى تسبق خروج الدجال:
وعن أبي إمامة الباهلي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: <إن قبل خروج الدجال ثلاث سنوات شداد يصيب الناس فيها جوع شديد، يأمر الله تعالى السماء في السنة الأولى أن تحبس ثلث مطرها، ويأمر الأرض أن تحبس ثلث نباتها، ثم يأمر السماء في السنة الثانية فتحبس ثلثي مطرها ويأمر الأرض أن تحبس ثلثي نباتها، ثم يأمر السماء في السنة الثالثة فتحبس مطرها كله فلا تقطر قطرة، ويأمر الأرض فتحبس نباتها كله فلا تنبت خضراء، فلا يبقى ذات ظل إلا هلكت إلا ما شاء الله (أي تموت جميع الأشجار إلا القليل منها) >، قيل: يا رسول الله فما يعيش الناس في ذلك الزمان؟!! قال: <التهليل والتكبير والتمجيد ويجزؤ ذلك عليهم مجزأة الطعام> رواه ابن ماجة وفي سنده مقال.
ومما يسبق خروجه:
عن راشد بن سعد قال: لما فتحت إصطخر (بلدة بفارس من أقدم مدن فارس وأشهرها وبها سكن ملوك فارس وبها خزانتهم) إذا مناد ينادي: ألا إن الدجال قد خرج، فلقيهم الصعب بن جثامة فقال: لولا ما تقولون لأخبرتكم إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: <لا يخرج الدجال حتى يذهل (أي يتناسون ذكر الدجال) الناس عن ذكره وحتى تترك الأئمة ذكره على المنابر> رواه عبد الله بن أحمد من رواية بقية عن صفوان بن عمرو وهي صحيحة كما قال ابن معين وبقية رجاله ثقات.
صفات الدجال الخلقية:
* قصير أفحج (مشيته معيبة بسبب تباعد ساقيه).
* جعد (أي أن شعره ليس ناعما ولا أملس).
* مطموس العين، كالعنبة الطافية، أعور العين اليسرى.
* هجان (أبيض).
* أجلى الجبهة (واسع الجبهة).
* مكتوب بين عينيه (ك ف ر) يقرؤها كل مؤمن كاتب أو غير كاتب.
* عقيم لا يولد له.
ويمكننا إجمال ما سبق من وصف الدجال بأنه رجل قصير، عظيم الجسم، عظيم الرأس، كلتا عينيه معيبة، فاليمنى عوراء كأنها طافية واليسرى عليها جلدة، وهو ذو شعر جعد كثيف، أبيض البشرة، بعيد ما بين الساقين أو الفخذين، مكتوب بين عينيه كافر.
مكان خروجه:
* عن أبي بكر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: <إن الدجال يخرج من أرض بالمشرق يقال لها خرسان (مدينة كبيرة تقع حاليا في إيران) يتبعه أقوام كأن وجوههم المجان المطرقة> (المجن الترس، شبه وجوههم بالترس لبسطها وتدويرها، وبالمطرقة لغلظها وكثرة لحمها، وهي الصفة نفسها التي وصف بها النبي صلى الله عليه وسلم يأجوج ومأجوج) رواه أحمد والترمذي وصححه الألباني في صحيح الترمذي.
* وأول ظهور أمره واشتهاره -والله أعلم - يكون بين الشام والعراق، ففي رواية عن نواس بن سمعان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عن الدجال: <إنه خارج خلة بين الشام والعراق> رواه مسلم.
قوله: <خلة بين الشام والعراق> (أي موقع وطريق بين الشام والعراق)
هو رجل من بني آدم، جعل الله عز وجل له قدرات ليست لغيره من البشر، مكنه الله منها اختبارا وامتحانا لإيمان الناس، وقد حذرنا النبي صلى الله عليه وسلم من اتباعه في ضلاله وأخبرنا عن صفاته الخلقية والخلقية.
ونحن نتكلم هنا عن الدجال لأن: العلم بالشيء خير من الجهل به وقد كان حذيفة بن اليمان رضي الله عنه يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الشر مخافة أن يدركه. فالدجال أعظم فتنة خاف النبي صلى الله عليه وسلم على أمته منها فحذر وخوف وأنذر.. لما مع الدجال من الشبهات والفتن... مع ادعاء الدجال أنه الله رب العالمين!! فإذا عرفنا صفات الدجال وطرق السلامة منه حمانا الله من شره...
تسميته بــ (المسيح الدجال):
- سمي بالمسيح الدجال لأنه ممسوح العين اليسرى فهو أعور لا يرى إلا بعين واحدة.
- وقيل بل الدجال يسمى: المِسِّيح... وقيل المسيح (بالخاء المعجمة).
- وقيل سمي بالمسيح لأنه يمسح بالأرض ويسير فيها كلها.
- وقيل لأن أحد شقي وجهه ليس فيه عين ولا حاجب.
- وسمي بالدجال: لأنه دجّل: أي غطى وموّه واحتال، والدّجل أكبر الكذب،
فهو دجال كذاب محتال، وجمع دجّال: دجالون، ودجاجلة.
ماذا يدعي الدجال؟
الدجال يدعي أنه رب العالمين ويدعو الناس إلى الإيمان بذلك، لذا قال صلى الله عليه وسلم:<إن الدجال أعور وإن ربكم ليس بأعور> رواه البخاري ومسلم. وسيأتي تفصيل ذلك، وله شبهات وحيل يفتن الناس بها.
قصة ابن صياد:
في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كان بالمدينة غلاه يهودي اسمه ابن صياد، اشتبه أمره وشك النبي صلى الله عليه وسلم أنه هو الدجال، ووقع له حادث مع النبي صلى الله عليه وسلم وتفصيل ذلك كالآتي:
01/- عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه انطلق مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في رهط (من ثلاثة إلى عشرة أشخاص) قبل ابن صياد حتى وجده يلعب مع الصبيان عند أطم (حصن أو القلعة) بني مغالة وقد قارب ابن صياد يومئذ الحلم (أي قارب البلوغ، عمره قريب من 15 سنة) فلم يشعر حتى ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ظهره بيده، ثم:
* قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لابن صياد: <أتشهد أني رسول الله؟>
* فنظر إليه ابن صياد فقال: أشهد أنك رسول الأميين.
* ثم قال ابن صياد لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أتشهد أني رسول الله ؟
* فرفضه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: <آمنت بالله ورسوله>
* ثم قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: <ماذا ترى؟>
* قال ابن صياد: يأتيني صادق وكاذب.
* فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: <خلِّط عليك الأمر>
* ثم قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: <إني خبأت لك خبيئا>
أي خبأت في نفسي كلمة حاول أن تخمن ما هي؟ وقد خبأ النبي صلى الله عليه وسلم كلمة الدخان.
* فقال ابن صياد: هو الدخ (حاول ابن صياد أن يقول الدخان فلم يوفق فقال الدخ، وكان ابن صياد له جن يخبرونه بأشياء ولكنهم لم يستطيعوا أن يكشفوا ما في نفس النبي صلى الله عليه وسلم فقربوا له الكلمة).
* فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: <اخسأ فلن تعدو قدرك>
أي لن تعدو الكهانة إنما أنت كاهن دجال محتال.
* فقال عمر بن الخطاب: ذرني يا رسول الله أضرب عنقه.
* فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: <إن يكن هو فلن تسلط عليه وإن لا يكنه فلا خير لك في قتله> (يعني إن كان ابن صياد هو الدجال فلن تتمكن من قتله، لأن الله قدر وقضى أن يقتله عيسى بن مريم عليهما السلام بعد نزوله) رواه مسلم.
02/- وقال سالم بن عبد الله سمعت عبد الله بن عمر يقول: انطلق بعد ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بن كعب الأنصاري إلى النخل التي فيها ابن صياد حتى إذا دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم النخل طفق يتقي بجذوع النخل (يتستر خلف جذوع النخل لئلا يراه ابن صياد) وهو يختل (يتخفى ويقترب قليلا من ابن صياد ليسمع ما يتكلم به مع نفسه) أن يسمع من ابن صياد شيئا قبل أن يراه ابن صياد فرآه رسول الله صلى الله عايه وسلم وهو مضطجع على فراش في قطيفة (كساء) له فيها زمزمة (صوت خفي لا يكاد يفهم)، فرأت أم ابن صياد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتقي بجذوع، فقالت لابن صياد: يا صاف (وهو اسم ابن صياد) هذا محمد، فثار ابن صياد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: <لو تركته بيّن> (أي لو تركتنا أمه نراقبه دون أن يعلم بنا لتبين لنا هل هو الدجال أم لا) رواه مسلم.
03/- وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: لقيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر-يعني ابن صياد- في بعض طرق المدينة.
* فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: <أتشهد أني رسول الله؟>
* فقال هو: أتشهد أني رسول الله؟
* فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: <آمنت بالله وملائكته وكتبه، ما ترى؟>
* قال: أرى عرشا على الماء.
* فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: <ترى عرش إبليس على البحر، وما ترى؟>
* قال: أرى صادقين وكاذبا، أو كاذبين وصادقا.
* فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: <لبس عليه، دعوه> (أي يأتيه الشيطان فاختلط عليه الأمر) رواه مسلم.
04/- وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: خرجنا حجاجا أو عمارا ومعنا ابن صياد، فنزلنا منزلا فتفرق الناس وبقيت أنا وهو، فاستوحشت منه وحشة شديدة مما يقال عليه، وجاء بمتاعه فوضعه مع متاعي فقلت: إن الحر شديد فلو وضعته تحت تلك الشجرة ففعل: أي نقل ابن صياد متاعه تحت شجرة بعيدة عن أبي سعيد، قال أبو سعيد: فرفعت لنا غنم، فانطلق فجاء بعس (وعاء كبير فيه لبن من تلك الغنم).
* فقال: اشرب أبا سعيد!
* فقلت: إن الحر شديد واللبن حار- ما بي إلا أني أكره أن أشرب عن يده -أو قال :آخذه عن يده-
* فقال ابن صياد: أبا سعيد! لقد هممت أن آخذ حبلا فأعلقه بشجرة ثم أختنق مما يقول لي الناس (يعني ما يشاع أنه الدجال)، يا أبا سعيد من خفي عليه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ما خفي عليكم معشر الأنصار، ألست من أعلم الناس بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ أليس قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هو عقيم لا يولد له وقد تركت ولدي بالمدينة؟ أو ليس قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يدخل المدينة ولا مكة وقد أقبلت من المدينة وأنا أريد مكة؟
* قال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه: حتى كدت أعذره.
* ثم قال ابن صياد: أما والله إني لأعرف مولده وأين هو الآن -يعني الدجال-.
* قال أبو سعيد: فقلت له: تبا لك سائر اليوم. رواه مسلم.
والصحيح من أقوال أهل العلم: أن ابن صياد هذا ليس هو المسيح الدجال، ولكنه دجال محتال من ضمن الدجالين، عنده كهانة وشياطين ينبئونه بأمور، وقد ورد عنه حوادث في آخر حياته مع أبي سعيد الخدري وغيره، قد يستنتج منها أنه تاب وصلح حاله والله أعلم.
الحكمة من عدم ذكر الدجال في القرآن:
الدجال أعظم فتنة خشي النبي صلى الله عليه وسلم على أمته منها ولذا حذر جميع الأنبياء أممهم منه وأمرنا أن نستعيد من فتنة الدجال في آخر كل صلاة.
وقد ذكر الله عز وجل في القرآن عددا من أشراط الساعة الصغرى والكبرى مثل انشقاق القمر فقال: (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ) القمر:01، ويأجوج ومأجوج فقال: (حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ) الأنبياء:96، وغيرها ومع ذلك لم يذكر الله عز وجل الدجال صراحة باسمه في القرآن.
فما الحكمة من ذلك؟ قيل في ذلك أمور:
* أحداهما: أنه ذكر في قوله عز وجل: (يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ) الأنعام:158، فقد قال صلى الله عليه وسلم: <ثلاث إذا خرجن لم ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل: الدجال، والدابة، وطلوع الشمس من مغربها> رواه الترمذي عن أبي هريرة وصححه.
* الثاني: قد وقعت الإشارة في القرآن إلى نزول عيسى ابن مريم في قوله عز وجل: (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِه) النساء: 159، وفي قوله عز وجل: (وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِ ذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ. وَقَالُوا أَآَلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ. إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ. وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلَائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ. وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا..) الزخرف: 57-61. وصح أن عيسى عليه السلام هو الذي يقتل الدجال فصار الكلام عن عيسى عليه السلام متضمنا الكلام عن الدجال.
الأحاديث الدالة على أن خروج الدجال من أشراط الساعة:
* عن حذيفة بن أسيد الغفاري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: <إن الساعة لا تقوم حتى تكون عشرة آيات: الدخان والدجال والدابة وطلوع الشمس... الحديث> رواه مسلم.
* وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: <ثلاث إذا خرجن لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت أو كسبت في إيمانها خيرا: طلوع الشمس من مغربها، والدجال، ودابة الأرض> رواه مسلم.
الدجال أكبر فتنة موجودة على ظهر الأرض على الإطلاق:
* عن عمران بن حصين رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: <ما بين خلق آدم وقيام الساعة خلق أكبر من الدجال> وفي رواية: <أمر أكبر من الدجال> رواه مسلم.
* وعن ابن عمر رضي الله عنه قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس فأثنى على الله بما هو أهله ثم ذكر الدجال فقال: <إني لأنذركموه وما من نبي إلا أنذر قومه ولكني سأقول لكم فيه قولا لم يقله نبي لقومه: إنه أعور وإن الله ليس بأعور> رواه البخاري.
* وعن نواس بن سمعان رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: <غير الدجال أخوفني عليكم؟ إن يخرج وأنا فيكم فأنا حجيجه دونكم وإن يخرج ولست فيكم فامرؤ حجيج نفسه والله خليفتي على كل مسلم> رواه مسلم.
الأحداث قبل خروج الدجال:
* عن نافع بن عتبة بن أبي وقاص رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: <تغزون جزيرة العرب فيفتحها الله، ثم تغزون فارس ويفتحها الله، ثم تغزون الروم فيفتحها الله، ثم تغزون الدجال فيفتحه الله (أي المكان الذي فيه الدجال والقوم الذين معه> رواه مسلم.
*عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: <عمران بيت المقدس خراب يثرب، وخراب يثرب خروج الملحمة، وخروج الملحمة فتح القسطنطينية، وفتح القسطنطينية خروج الدجال> رواه أبو داود والترمذي وحسنه الألباني.
* وقبل خروج الدجال تكثر الحروب بين المسلمين والروم النصارى وينتصر المسلمون.
* عن ذي مخمر -رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: <ستصالحون الروم صلحا آمنا فتغزون أنتم وهم عدوا من ورائكم فتنصرون وتغنمون، وتسلمون، ثم ترجعون، حتى تنزلون بمرج ذي تلول، فيرفع رجل من ذي النصرانية الصليب، فيقول: غلب الصليب فيغضب رجل من المسلمين فيدقه فعند ذلك تغدر الروم وتجمع للملحمة (هي المعركة الكبيرة كثيرة القتلى) > رواه مسلم.
وزاد بعضهم: <فيثور المسلمون إلى أسلحتهم فيغتسلون فيكرم الله تلك العصابة بالشهادة>
-- وفي حديث آخر تفصيل لهذه الموقعة: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: <لا تقوم الساعة حتى ينزل الروم بالأعماق أو بدابق (قرية دابق من القرى التاريخية التابعة لناحية اخترين وهي تقع شمال مدينة حلب على مسافة 45 كم وتبعد عن الحدود التركية حوالي 15 كم تقريبا، و تشتهر بالزراعة و خصوصا الحنطة و العدس و البطاطا، يمر بها نهر قويق و يجري في الشتاء و الربيع، وهي ثغر من ثفور المسلمين في كل الفترات الإسلامية، وفيها تكون الملحمة) فيخرج له جيش من المدينة من المسلمين من خيار الأرض يومئذ فإذا تصافوا أمام بعض قال الروم خلوا بيننا وبين الذين سبوا منا نقاتلهم (وهذا يدل أنه وقعت حروب سابقة بين المسلمين والروم وانتصر المسلمون وسبوا الروم وأسلم السبي وجاء يجاهد) ، فيقول المسلمون: لا والله لا نخلي بينكم وبين إخواننا فيقاتلونهم فيهزم ثلث (أي من جيش المسلمين) لا يتوب الله عليهم أبدا، ويقتل ثلث (أي من المسلمين) ، أفضل الشهداء عند الله، ويفتتح الثلث (أي الأخير يفتح البلاد ويغنم) لا يفتنون أبدا فيفتتحون قسطنطينية وبينما هم يقتسمون الغنائم قد علقوا سيوفهم بالزيتون، إذ صاح فيهم الشيطان: أن المسيح (أي الدجال) قد خلفكم في أهليكم (أي: يريد إفزاعهم وتخويفهم) ، فيخرجون (أي يتوجهون راجعين إلى الدجال) ، وذلك باطل (أي: يكون كلام الشيطان هذا باطلا) ، فإذا جاؤوا الشام خرج (أي: خرج المسيح الدجال) > رواه مسلم.
أحداث أخرى تسبق خروج الدجال:
وعن أبي إمامة الباهلي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: <إن قبل خروج الدجال ثلاث سنوات شداد يصيب الناس فيها جوع شديد، يأمر الله تعالى السماء في السنة الأولى أن تحبس ثلث مطرها، ويأمر الأرض أن تحبس ثلث نباتها، ثم يأمر السماء في السنة الثانية فتحبس ثلثي مطرها ويأمر الأرض أن تحبس ثلثي نباتها، ثم يأمر السماء في السنة الثالثة فتحبس مطرها كله فلا تقطر قطرة، ويأمر الأرض فتحبس نباتها كله فلا تنبت خضراء، فلا يبقى ذات ظل إلا هلكت إلا ما شاء الله (أي تموت جميع الأشجار إلا القليل منها) >، قيل: يا رسول الله فما يعيش الناس في ذلك الزمان؟!! قال: <التهليل والتكبير والتمجيد ويجزؤ ذلك عليهم مجزأة الطعام> رواه ابن ماجة وفي سنده مقال.
ومما يسبق خروجه:
عن راشد بن سعد قال: لما فتحت إصطخر (بلدة بفارس من أقدم مدن فارس وأشهرها وبها سكن ملوك فارس وبها خزانتهم) إذا مناد ينادي: ألا إن الدجال قد خرج، فلقيهم الصعب بن جثامة فقال: لولا ما تقولون لأخبرتكم إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: <لا يخرج الدجال حتى يذهل (أي يتناسون ذكر الدجال) الناس عن ذكره وحتى تترك الأئمة ذكره على المنابر> رواه عبد الله بن أحمد من رواية بقية عن صفوان بن عمرو وهي صحيحة كما قال ابن معين وبقية رجاله ثقات.
صفات الدجال الخلقية:
* قصير أفحج (مشيته معيبة بسبب تباعد ساقيه).
* جعد (أي أن شعره ليس ناعما ولا أملس).
* مطموس العين، كالعنبة الطافية، أعور العين اليسرى.
* هجان (أبيض).
* أجلى الجبهة (واسع الجبهة).
* مكتوب بين عينيه (ك ف ر) يقرؤها كل مؤمن كاتب أو غير كاتب.
* عقيم لا يولد له.
ويمكننا إجمال ما سبق من وصف الدجال بأنه رجل قصير، عظيم الجسم، عظيم الرأس، كلتا عينيه معيبة، فاليمنى عوراء كأنها طافية واليسرى عليها جلدة، وهو ذو شعر جعد كثيف، أبيض البشرة، بعيد ما بين الساقين أو الفخذين، مكتوب بين عينيه كافر.
مكان خروجه:
* عن أبي بكر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: <إن الدجال يخرج من أرض بالمشرق يقال لها خرسان (مدينة كبيرة تقع حاليا في إيران) يتبعه أقوام كأن وجوههم المجان المطرقة> (المجن الترس، شبه وجوههم بالترس لبسطها وتدويرها، وبالمطرقة لغلظها وكثرة لحمها، وهي الصفة نفسها التي وصف بها النبي صلى الله عليه وسلم يأجوج ومأجوج) رواه أحمد والترمذي وصححه الألباني في صحيح الترمذي.
* وأول ظهور أمره واشتهاره -والله أعلم - يكون بين الشام والعراق، ففي رواية عن نواس بن سمعان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عن الدجال: <إنه خارج خلة بين الشام والعراق> رواه مسلم.
قوله: <خلة بين الشام والعراق> (أي موقع وطريق بين الشام والعراق)