مرحبًـا بالجميع،، هـذا موضوع أعجبني فأحببت أن أنقله إليكم، أتمنى أن ينال إعجابكم..
لماذا أنت غالية و لماذا هي رخيصة؟!
في أعماقِ البحرِ السحيقِ حيثُ منبع الجمال، حيثُ اللؤلؤ و المرجان،
تعيشُ لؤلؤةٌ صغيرةٌ في كنفِ والدِها يرعاها و يحميها مما قدْ يؤذيها..
عاشتِ اللؤلؤةُ عزيزةً مكرّمةً و معها صوَيحِباتِها يتلألأنَ مثلَها في أصدافِهنّ مُدلّلاتٍ..
و بينما هُنَّ يمْرحْنَ ذاتَ نهار..
رأينَ شيئًا غريبًا يتسللُ إلى المياهِ.. اقتربْنَ منهُ قليلاً..
فإذا هوَ شاشةٌ كبيرةٌ تَعْرِضُ لآلِئَ في أحضانِ مخملٍ بدتْ مناظِرُها تسلبُ اللّبَ..
و إذا بصوتٍ يُصاحِبُ الصّورةَ يقولُ:
من أهل الأرض إلى أعماق البحار
من الحريةِ و الجمالِ إلى الظُلمةِ و الاحتكارِ
هنا نقدِّرُ جمالَكم و نُهدي إليكُم حُرِّيتَكم
و نضمنُ لكم سعادتَكم
فقطْ اتّصِلوا على الرقمِ المجانيِّ (1111) و التواصلُ مجانًا.
لحظاتُ صمتٍ وتفكُّرٍ بينَ اللؤلؤاتِ..
و هنَّ يَرَينَ مثيلاتِهنَّ على الأرضِ يتقلّبنَ في هذا الجمالِ..
و شيئًا فشيئًا تحوَّلَ الصمتُ إلى حديثِ همسٍ بينَ كلِّ اثْنتينِ..
حتى صرختْ اللؤلؤةُ الصغيرةُ فجأةً: أريدُ أن أذهبَ إلى الأرضِ.
فصاحتْ بها صديقتُها: أنتِ لا زلتِ صغيرةً، و هذا خطرٌ عليكِ..
اللؤلؤةُ الصغيرةُ: كلا، و أيُّ خطرٍ؟ إنهُ جمالٌ ما بعدَهُ جمالٌ و حريةٌ ليستْ بعدَها حريةً،،
ألا ترَينَ كيفَ أنّنا مرهوناتٍ بأصدافِنا لا نستطيعُ الخروجَ منْها؟
الصديقةُ: حبيبَتي، الصدفُ هوَ مَنْ رَبِّاكِ و رعاكِ و لكنْ لمْ يَحِنْ أوانُ القطافِ بعدُ..
انتظري حتى تكبُري.. فأهلُ الأرضِ يُزَيِّنونَ الصورةَ رغمَ واقعِهم المؤلمِ القبيحِ..
أطرقتْ اللؤلؤةُ برأسِها و الأفكارُ تذهبُ بعقلِها و تجِيءُ،
ثمَّ أيقنَتْ أنَّ صاحِبَتَها لا تفهمُ في التطوُّرِ والرُّقِيِّ، و أنَّ هذا شأنها وحدَها..
و صديقتها تتابعُ حديثَها في حزن و تعاطف:
عزيزَتي، أنتِ هنا ملكةٌ معززةٌ الكلُّ يحافظُ عليكِ،
أما هناكَ فستتناقلكِ الأيدي حتى ترخصَ قيمتكِ، المهمُّ أنَّهم يهتمّونَ بجمالِكِ،
فإذا قدِمتِ باعوكِ بأبخس الأثمان..
لمْ تقتنع اللؤلؤةُ بكلام صديقتِها، فحزمتْ أمرَها و قررتِ الرحيلَ بلهفةٍ للذهابِ إلى حيثُ التألُّق و إبراز الجمال..
و اتصلتْ على الرقمِ المجانيِّ:
مرحباً، اللؤلؤةُ تتحدثُ معكُم، أريدُ التحررَ و الجمالَ، و أريدُ...
قاطعوها قائلينَ:
أهلاً، أهلا سنأتيكِ على الفورِ، ستجدينَ لدينا كلَّ ما تتمنّين..
و في لحظاتِ الوداعِ، شعرتْ اللؤلؤةُ بنوع منَ الألم،،
لأنّها ستُفارقُ حدائقَ البحرِ التي ترعرعَت فيها إلى حدائقَ أُخرى،
و لكنَّ عزاءَها أنَّها تسعَى وراءَ الأرقَى و الأكثرِ تحرُّراً..
أتَوا إليها مُسرعينَ و في دقائقَ أخذُوها و نهبُوا معها جمعًا من اللآلئِ الصديقةِ،
كانوا يصرخُون لا يرغبُونَ، و لكنْ ما باليدِ حيلةٌ، إذْ يبدو أنَّ هذا نوعٌ منْ أنواعِ تطوُّر أهل الأرض..
و ما إنْ خرجتْ و بدا بريقُها على سطحِ الماء، حتى استقْبلتْها الأيادي بحرص و اهتمام..
و عندما وصلوا إلى المختبرِ، أخذوا اللؤلؤةَ الصغيرةَ ليُخرِجوها منَ الصَّدَفِ،
تألّمتْ و صرختْ ثمَّ خرجتْ إلى الحرّيةِ بعدَ الألمِ..
ضحكتْ حينما رأتْ كلَّ الوجوهِ تنظرُ إليها بتعجُّبٍ وابتسامٍ..
غرّتها الأمانيُّ..
أخذوها و دقُّوها بالمطارقِ حتى يُدخِلوا بِها المسالكَ،
أخذوا صديقاتِها معها ليضعُوها في عقدٍ لؤلؤيٍّ جذابٍ..
باعوها في أرقى المحلاتِ..
اشترتْها امرأةٌ ذاتُ جمالٍ و وضعتْ العقدَ اللؤلؤيَّ في جيدِها،
و مرتْ الشهورُ لتشتريَ المرأةُ عِقداً آخرَ لؤلؤياً جميلاً.. فتركتِ العقدَ القديمَ في الخزانةِ..
حزنتِ اللؤلؤةُ فهيَ لا زالتْ ترى نفسَها بذاكَ الجمال، و مرّتْ الأيامُ و هيَ في خزانتِها لا ترى النورَ..
حزنتْ حتى بهتَ جمالُها..
و صديقاتُها يصِحْنَ بها: أنتِ السببُ، حرمتِنا من أكنافِ والدِينا إلى حيثُ الضياع والظلام..
اللؤلؤةُ الصغيرةُ: ظننتُها حريةً و تطوراً و جمالاً!!
ثم فُتحتِ الخزانةِ.. و أخذَ العقدُ إلى أحدِ المتاحفِ لعرض المقتنياتِ القديمةِ..
و بقيَ العقدُ رخيصاً في عيونِ الناظرينَ، الكلُّ ينظرُ إليهِ و يمرِّرُ النظرَ إلى غيرِهِ..
اعتادتْ على ذلكَ.. و اشتاقتْ العودةَ إلى البحرِ حيثُ الكلُّ يشتاقُ إليها و يصارعُ لأجلِها..
لكنَّها أتتهم رخيصةً فضاعَ الثمنُ..
هكذا انتهتْ قيمتُها، و ضاعَ تألُّقُها، غرّتْها تلكَ الحضارةُ الجوفاءُ إلا منْ أنوارٍ خادعةٍ كاذبةٍ..
بهرتْها حرية ساذجة، هكذا أصبحتْ رخيصةً بعدَ أنْ ترَكَتْ المحارَ..
ظنَّتْ أنَّهُ قيدٌ فعلِمتِ الآنَ أنَّهُ صَونٌ لجمالِها و احتفاظٌ بقيمتِها..